نتنياهو وقضية الغواصات للواجهة

2021-08-10
عمر حلمي الغول

مجددا بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق لواجهة الأحداث بعد توقيع 6221 ضابطا متقاعدا على عريضة طالبوا فيها وزير الحرب، بيني غانتس بتشكيل لجنة تحقيق رسمية بقضية الغواصات الألمانية، التي إشترتها إسرائيل فيما مضى، وكانت محل جدل واسع في الأوساط القضائية والسياسية والأمنية الإسرائيلية، بيد ان المتهم بثلاث قضايا فساد تحت الأرقام (1000 و 2000 و 3000 ) تمكن عبر المماطلة والتسويف، والتهديد والترهيب، والشد والرخي من الالتفاف على تشكيل لجنة تحقيق ضده في قضية الغواصات.
لكن قطاعات واسعة داخل المستويات العسكرية والسياسية والقضائية لم يبلعوا طعم نتنياهو، ورفضوا الإستسلام لمشيئته، وزادهم ثقة بالذات خروجه من رئاسة الحكومة، فعادوا مرة ثانية لطرح القضية، التي لن يقتصر تقديمها لوزير الجيش الإسرائيلي، بل سيتم تقديمها أيضا لوزير القضاء، غدعون ساعر، الذي لم يكن بعيدا عن القضية، لا بل اثارها قبل توليه حقيبة "العدل"، كما انه اتفق مع غانتس على اجراء نقاش جدي بشأن القضية المذكورة داخل الحكومة.
ووفق ما نشرته القناة الإسرائيلية (13) ان من بين الموقعين على العريضة آنفة الذكر ثلاثة رؤساء اركان سابقين، هم: ايهود باراك، موشية يعلون، ودان حالوتس، و31 جنرالا بمن فيهم: عاموس يدلين، وأدي آدم، وأهارون زئيفي فركش، ويوم طوف سامية، وداني روتشيلد، و 138 عميدا و 471 ضابطا كبيرا بدرجات متفاوتة. وهو ما يعكس أهمية وثقل العريضة، وتأثيرها على اركان حكومة بينت لبيد، الذين لا يبتعدوا كثيرا عن رؤية العريضة، وبالتالي فإن المذكرة جاءت لتحك على جرب وزراء حكومة التغيير، وقدمت لهم غطاءا، وتعفيهم من الحرج، وتمنحهم مساحة من الموضوعية النسبية.
وفي هذا السياق، قال الضباط الموقعون على العريضة، ان قضية الغواصات ترتبط بقضايا أمنية واستراتيجية لإسرائيل، وعليه يجب التحقيق فيها، والتحقق منها بدقة، وحسم الجدل بشأنها. كما وشددت العريضة، على ان تشكيل لجنة تحقيق رسمية فقط "ستؤدي إلى الوصول إلى الحقيقة، وتزيل الغمامة عن اخطر قضية أمنية عرفتها إسرائيل."
واثناء تسلمه العريضة شكر وزير الحرب، غانتس الموقعين على العريضة، واكد امامهم على التزامه بإقامة لجنة تحقيق رسمية." واضاف امامهم "ليس لاني اعرف ماذا ستكون استنتاجاتها، انما لإن الوضع حساس جدا وعميق جدا، وتم التحدث عنه اكثر من اللازم."  ولنلاحظ ما قاله بيني للضباط "لإني اعرف ماذا ستكون استنتاجات لجنة التحقيق"، كونه من الذين اثاروا القضية اثناء شراكته الحكومة السابقة مع زعيم الليكود الفاسد. ولكن نتنياهو أحبط خيار تشكيل اللجنة آنذاك. وبالتالي فان زعيم كاحول لافان مقتنع قناعة راسخة، بان رئيس حكومة الشراكة السابق متورط في قضية فساد خطيرة، تمس امن دولة الإستعمار الإسرائيلية، ولحسم الجدل تفرض الضرورة تشكيل اللجنة.
ومما نقل عما صرح به مقدموا المذكرة اثناء لقائهم غانتس، قالوا "5 من المسؤولين الأمنيين من الفترة السابقة المرتبطة بالقضية وقعوا على إقرارات للمحكمة تصف افعالا (لرئيس الوزراء السابق) لا تليق، وكانوا شهودا عليها بشكل شخصي، وهذا أمر غير مسبوق في الدولة، ولا يمكن التحقيق به بأكثر الطرق شمولية إلآ عبر ومن خلال لجنة تحقيق. وحدها لجنة التحقيق الرسمية تملك الصلاحيات الواسعة للوقوف على كافة الجوانب ذات الصلة بالغواصات، واستعادة ثقة الجمهور، وتزيل الغموض والضبابية عن قضية الفساد الأمنية الأخطر، التي عرفتها إسرائيل."
إذا في ضوء المثار، والجدل الذي لم يهدأ حول القضية المذكورة، فإن يد الحكومة الطولى، وأصحاب المصلحة الشخصية والعامة مقبلون على تشكيل لجنة تحقيق رسمية بصلاحيات واسعة لنبش كل تفاصيل وجوانب قضية الغواصات، التي يعتقد غانتس وساعر ويعلون وبينت ولبيد وغيرهم بأن الملك الفاسد، نتنياهو متورط فعلا في الفساد الاخطر، وبالتالي قناعتهم لا تقوم على الكيدية والإنتقام، وفق ما لديهم من معطيات، انما يفترضون ان كشف الحقيقة يعيد الاعتبار لمكانتهم الشخصية والوظيفية، ولدور القضاء، الذي انتهكه المقيم في قيساريا انتهاكا غير مسبوق، اضف لذلك، ان قضية الفساد في الغوصات ستكون بمثابة الضربة القاضية للرجل، الذي يمني النفس بالعودة في اقرب وقت لكرسي الحكم، واسدال الستار كليا على دوره السياسي والحزبي في الليكود والمجتمع الصهيوني، وادخاله السجن هذه المرة لإمد طويل، قد يحول حياته لجحيم، ويموت كدرا كما سبقه لذلك مناحيم بيغن. وقادم الأيام كفيل بالاجابة عن سياق التطورات.
[email protected]