
لشعبنا وحده يُهدى أيّ انتصار
شهران انقضيا تقريبا على إعلان مصر عن وقف إطلاق النار المتبادل والمتزامن في حرب إسرائيل العدوانية على غزة، ولا خطوة للأمام يستفيد منها سكان غزة ويطمئنون على مستقبلهم سوى وعود القائد السنوار لهم أن العام لن ينقضي إلا وتكون الحياة في غزة في انتعاش اقتصادي ربما يوازي نظيره في دبي، ظن أنه أصبح صاحب القرار، حتى التقى مع مبعوث الأمم المتحدة، فأعلن أن اللقاء كان سيئا، فدعا الى اجتماع للفصائل لاتخاذ القرار المناسب، فكانت النتيجة المطالبة بالإسراع في إعمار غزة وتخفيف الحصار.
وقال في تصريح آخر لدنيا الوطن حول إجراءات الاحتلال وتغوله في القدس "رسائلنا للقدس سنوصلها بمئات الصواريخ إلى تل أبيب" ليعود ناطق يمثله رفض الكشف عن اسمه للقول لوكالة (الأناضول): "جرت اتصالات مكثفة من جهات عدة أممية وأوروبية وعربية جرت نهاية الأسبوع الماضي مع قيادة المقاومة الفلسطينية طلبت من قيادة المقاومة إعطاء فرصة لهذه الجهود الدبلوماسية، للنجاح في تحقيق إنجازات في موضوع الحصار المفروض على قطاع غزة، وإنهاء معاناة سكانه". وأكمل المصدر "قيادة المقاومة أجرت تقدير موقف، في ضوء هذه التقديرات واتخذت قرارا بمنح هذه الجهود فرصة للنجاح". وأضاف "هذه الجهود الدبلوماسية المكثفة هي من تجليات (الاسم الذي أطلقته الفصائل على المواجهة الأخيرة) معركة سيف القدس، والتي تحرص قيادة المقاومة على استثمارها في تحقيق إنجازات جوهرية مهمة لصالح أبناء شعبنا في غزة.
وطبعا، إجراءات العدو في القدس وأحيائها تشتد، والحصار على غزة شهد انفراجة واحدة هي دخول صهريج وقود إسرائيلي بتمويل قطري، والباقي على الله بانتظار الجهود الدبلوماسية.
في نفس السياق تجوب وفود عالية المستوى من حماس برئاسة إسماعيل هنية دولاً وأمصارا لإهدائها النصر، أهمها المغرب الشقيق، حيث اجتمع مع سعد الدين العثماني (أمين عام حزب العدالة والتنمية) الذي وقّع اتفاقية التطبيع، وكان العاهل المغربي قد سبق الزيارة بتهنئة بينيت، رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، متمنيا له التوفيق، طار بعدها إلى موريتانيا ليحط بعدها في مطار بيروت ليقول في مؤتمر صحفي لحظة الوصول:
“هذه الزيارة تأتي في إطار استثمار انتصار المقاومة العظيم في معركة سيف القدس"، وفي زياراته للقادة اللبنانيين عون. دياب، وبري، أهداهم أيضا هذا النصر.
وتفيد الأخبار أنه سيزور دولا أخرى، لإهدائها النصر.
هذه الجهود في ظني تذهب سدى، لأن هدف حماس استثمار ما حققه شعبنا من انتصار للسيطرة على منظمة التحرير، وتعتقد أن هذه الدول تؤيدها أو قد تؤيدها في ذلك، وكأن فصائل منظمة التحرير وعمودها فتح قد ولّى زمانها، كما تهلل بذلك أقلام شعبوية ومحطات فضائية ومواقع الكترونية، وكأن الواقع السياسي تصنعه "بوستات وفيديوهات" على الفيس بوك والتويتر والتوك توك وشبيهاتها.
الطريق الأقصر لإعمار غزة ونصرة القدس ومواجهة الأمم المتحدة وغيرها هو التسليم بأن الانقسام يجب أن ينتهي، وأن الوحدة الفلسطينية يجب أن تتحقق، وأن انضمام حماس لمنظمة التحرير كغيرها من الفصائل واجب وطني وطوق نجاة لها قبل الجميع، وأن التفاهمات الوطنية التي تمت قبل العدوان هي واجبة التنفيذ، وأن مصر، التي باشرت بإجراءات عملية لإعمار غزة، وتقود الحراك لدبلوماسي، يجب أن يتم التجاوب مع جهودها، فهي صاحبة الرؤية الأعمق للواقع والأقدر على التنفيذ.
القدس وغزة لا تحتاج رسائل بالصواريخ ولا جهود دول لا تملك قدرات التأثير أو التغيير، بل تحتاج إلى وحدة وطنية، ضمن منظمة التحرير الفلسطينية، وبالحوار وحده، يتم تصويب الأوضاع، ونضمن لشعبنا مستقبلاً أفضل لا تقرِّره الشتائم وسوء تقدير الواقع ومحاولات الإقصاء والنعي المبكر لمكونات وطنية موجودة وبقوة وقدرة، يصعب تجاوزها.
الحرية لشعبنا، وله وحده يهدى أي انتصار، وبه سنهزم المخططات الصهيونية، وبوحدته سيتم اعمار غزة وتحقيق الرفاه لسكانها، فوق الأرض، وليس تحت الأرض.